ميكانيكه التغير
صفحة 1 من اصل 1
ميكانيكه التغير
لم يكن الماء الراكد الذي لا يتحرك قادرًا على أن يصمد بحلاوته ، ونقائه ، وعذوبته ، فهو - بلا شكٍ - في يوم من الأيام سيتغير .. سيتغير إلى الأسوأ - قطعا - ،
و لو تحرك الماء .. وتغير .. لكان تغيره للأفضل بحيث يستمر على القدرة في العيش ، و على جمال شكله ، وعذب طعمه ، و لأنه أبا التغير .. تغيّر - بالقوة - و لكن للأسوأ .
نحن بحاجة إلى أن نتغير .. إلى الأفضل .. إلى الأقرب لله ،
فما نحن إلا بشر ، و الخطأ و الذنب وارد جدًا .. و مجرد الاعتراف به جميل ، والأجمل أن نتغير ونغيره ليكون بدل المعصية حسنة .. ليكون بدل الخطأ صوابا .
ما أجمل التغير .. ما أروع أن تتذكر قصة عمر بن الخطاب ، وكيف أنه اشهر سيفه و ذهب ليقتل محمدًا - عليه الصلاة والسلام - .. وفي طريقه يُخبَر بأن أخته قد " صبأت " و كذا زوجها ،
ذهب إليهما وحصلت القصة المشهورة .. وبعدها تغير عمر ،
اتجه إلى ذات الاتجاه الذي سار إليه ، ولكن القصد تغير .. - وأي تغيُر -
إنه ذهب ليعلن إسلامه لمحمد .. بدل أن كان يريد قتل محمد - عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم -
هذا التغير .. بدل أن يكون عمر قتيلا .. جعله صحابيًا جليلا ،
مبشرًا بالجنة .. بل و أفضل هذه الأمة بعد نبيها ، و صديقها ..
إن كل عاقل يدعو إلى هذا التغير ، و يؤيده ، كيف لا وهو الإنقاذ من الخطأ ،
العلماء .. يطالبوننا أن نتغير و أن نكف من الذنوب ، بل والله - سبحانه - أرشدنا إلى ذلك فقال : { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الرعد (11) .
قال السعدي - في تفسير الآية - : " إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة "
فدعونا نتغير إلى الأفضل .. ما الأمة إلا أنا وأنت وأنتي .. لنتغير إلى الأفضل ، لنتقرب إلى الله ، فالأمة ضعفت .. ومن أفرادها ؟ إنهم نحن .. ولو نتغيرنا واعتصمنا بالله ، لقويت لأن أفرادها تغيروا .
( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) القيامة ( 14 )
أنا بذنوبي اعلم بها من غيري .. وكذا أنت ، فلنتقِ الله ، و نتوب .. ولنتغير ؛ أما اشتقنا للنصر .. أما آن ؟!
،
من خلال النظر إلى الحياة الواقعية و إلى المستجدات .. نجد فيها أمورًا كثيرة تغيرت ، ونجد من الأصحاب والأحبة من تغير ، و طال التغير للقدوات من المعلمين ، و أهل العلم ،
إن هذا التغير - المفاجئ - لم يكن استساغته سهلة ، و هذا التغير الكبير - للأسف - لم يكن مفرحًا ،
فلو فككنا الحالات الجماعية و أخذنا كل حالة بمفردها لأبصرنا أنها لم تكن إلى الأفضل ، و لعلمنا أنها غير مفرحة .
بالنظر إلى الأمور العامة ؛ نجد أن الناس قد استهانوا في المحرمات بشكل كبير جدًا ، و الاستهانة بهذا الأمر لا تبشر بالخير ، و نجد أن كثيرًا من الناس قد زهدوا في الطاعات ، و رموا بعض الواجبات بأنها سنة ، و فعلوا كل ما بوسعهم لإثبات هذه الدعوى ، ومن ثم قالوا أنها سنة ولن يعمل بها ،
هذا التغير الفردي والجماعي أثّر على الأمة فتُجرأ عليها من جهات عديدة ، وكان الاجتراء من أعدائها الواضحين ، وكذا من المُلبِسين ،
دعونا نتذكر بعض هذا الاجتراء :
1/ الاستهزاء بالنبي - عليه الصلاة والسلام - بالرسوم الساخرة .
2 / تصريح الرافضة - علنا - بطعن عائشة الصديقة ، بل و مباهلة ( خبيثهم ) على صدقهم فيما زعم !
3 / محاولة حرق القرآن الكريم .
فبالله عليكم .. ما الذي بقى ؟
إنهم استهزؤا بأفضل رجل مر على الأرض ، سخروا بنبينا الذي منه نتلقى التكاليف الشرعية ، تعدوا على حبيبنا الأول ، وقدوتنا ، و أسوتنا ، فداه نفوسنا - صلى الله عليه وسلم -
وإن الأعداء قد تكلموا في كلام ربنا - جلا وعلا - هل أصدق من الله ؟ ومع ذلك حاولوا إحراق القرآن - حرقهم الله وأخزاهم - ، إنه دستورنا .. تعدوا عليه ، يالله .. على جبننا والخور !
وكذا الأعداء تكلموا في الصديقة الطاهرة ، تلك التي أنزل الله براءتها ، وجعله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة .
لا تبتعد - أيها القارئ - ودعني اذكرك بصور أخرى من تعدي الأعداء على أمتنا :
* تصوير الكافر بـ " الآخر " ومحاولة التقريب بيننا ! ، بل وزعم -بعض الجهال - أننا كلنا أولو دين سماوي فالأمر طبيعي ، و نحن " إخوة " ، و علينا أن لا نكرههم ، ولا نبغضهم ، ولا أدري أين - من يزعم بهذا القول - عن قول إبراهيم { إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} الممتحنة (4)
* تصوير المجاهد في سبيل الله .. بالمتشدد الإرهابي ، حتى غلب هذا الوصف عليهم ، وكأنهم لم يكونوا - بزعم أولئك المتهكمون - يومًا من الأيام " مجاهدين في سبيل الله "
فلم ينال المجاهدون خيرهم ، وحرموهو - أيضا - من نصرهم ولو بالكلام ، ولم يسلموا منهم .
إن العاقل ليستغرب ويتعجب من الحال إذ كيف يُدعى بالتعايش مع ( الكافر ) و بالوقت نفسه يحذر - منادي التعايش - من المسلمون المجاهدون .. ويسبونهم في كل حين ، وبكل وضع ، ولو سلمنا أنهم لم يوفقوا للصواب ، و أنهم اخطأوا .. من أولى بالتعايش والتقارب و الإصلاح الكافر أو المسلم ؟!
* إغلاق حلقات تحفيظ القرآن بالمكان الذي نزل به القرآن .
ولن أتحدث عن هذه النقطة فقبح القرار أوضح من أن يخبر ، ورائحة نتنه قد فاحت .
* عمل الفتاة كاشيرة .
* إغلاق المنابر الدعوية العلمية .
سواء كان هذا الإغلاق للمواقع كحجب موقع العلامة البراك ، وموقع الإسلام سؤال وجواب ، وغيرهما من مواقع علمائنا ، أو كان بإغلاق جوالات بعض المشائخ ، كإغلاق جوال زاد ، وكذلك إغلاق قناة الأسرة التي يشرف عليها نخبة من مشائخنا الكرام .
أصلح الله الحال ، و كفى الله الأمة شر كل ذي شر .
،
دعننا ننتقل الآن إلى الحالات الفردية لنشاهد التغير و كيف أنه لم يكن للتعدي العام طريق لو لم يفتح كل إنسان الباب على نفسه !
1 / الصلاة :
هذا الخط العريض ، وهذا العمود القوي المتين ، الكلام فيه واضح جدًا ، فكم هو مؤسف أن يؤذِن المؤذن وتقام الصلاة ، وفي الشارع من هو جالس يتكلم مع صديقه ، و كأنه لا يسمع الدعوى الصادقة بالفلاح ، و كم والله يتقطّع القلب عندما يرى تضييع الشباب والشيب لأمر الصلاة ، والتقصير فيها ، و لو دخلت المسجد بعد الأذان ربما شككت في ساعة المؤذن ، فأنت تستوحش .. لأنه لا يوجد غيركما في المسجد ، وبالكاد يحضر - الغالب - مع الإقامة ، و " شيء أهون من شيء " فهناك من هو في بيته مشتغلا في الانترنت ، وهناك من يتابع المباراة ، وهناك من يلعب الكرة ، وهناك من هو نائم ،
وأي حال ؟ وأي ضعف ؟ و أي تقصير أشد من هذا التقصير والضعف و سوء الحال ،
فالصلاة هي التي تقرب المؤمن لربه ، بل وفيها موضع هو أقرب ما يكون العبد إلى ربه ، و بتركها يكفر ، والتهاون بها والكسل فيها من صفات المنافقين .
2 / القرآن :
إنه يكفي لاستشعار فضل القرآن وعظمته ، و علو قدره أن تقول جملة واحدة وهي : " كلام الله " !
كلام الله .. كلام الكريم ، كلام الخالق ، كلام القوي ، كلام الجبار ، كلام العزيز الغفّار ، كلام الحكيم ، كلام البصير ، كلام العليم ، كلام الله .
تختم القرآن كل كم ؟
كيف حالنا مع تدبره ؟
3 / التجرأ على المنكر :
لم يكن منذ سنوات قريبة أن يتبختر العاصي بمعصيته ويتبجّح بها ، و كذا سكوت كثير من الناس على الإنكار على العاصي ، فالمخطأ يتبجّح ، و من على الحق يخجل !
4 / الهروب من الاستقامة :
لو نظرنا إلى اللحية - كمثال واقعي - سنجد أنها من الأمور المكلفين بها ، ولو نظرنا إلى الواقع سنجد كيف تغير كثير من الناس وتجرأوا على هذه اللحية و أخذوا منها حتى لا تكاد تظهر ، ودعني انقل ما قاله شيخنا العلامة عبد الكريم الخضير :
" ولو لم يرد الأمر بإعفاء اللحى لكان مجرد التشبه كاف في تحريم حلق اللحية، وهو أيضاً تشبه بالنساء، ولعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المخنثين من الرجال الذين يتشبهون بالنساء والعكس، والمترجلات من النساء، هذا التشبه كافي في التحريم، إضافة إلى أن السنة القولية والفعلية تضافرت على أن اللحية لا يتعرض لها بشيء، وتعرف قراءة النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته باضطراب لحيته من خلفه، وجاء في صفته -صلى الله عليه وسلم- أنه كان كث اللحية، فهذا فعله وهذا أمره، فهل يبقى لمتشبث أو لمستمسك حجة أو شبهة في أن يخفف لحيته أو يحلقها؟ "
للاستزادة : الموطأ – كتاب الجامع (6) | الشيخ عبدالكريم الخضير
الأمة الآن تحتاجكم يا شباب .. فهل من أول حجر في الطريق يكون التعثر ؟!
لا أشك في أن كل واحد من شباب المسلمين رسم يومًا هدفه وكيف أنه يريد أن يخدمه أمته ، فلما التغير ؟ لما يكون الانحدار مع الهوى بهذه القوة ، الطريق مُتعب ، ولكن صاحب الهمة لا يمل ، لا يقف ، نحن نحمل أمانة عظيمة ، و لا يليق بنا أن نلقي بها ، و الهروب من الأحكام الشرعية لا يسقط التكليف بها ، فكونك حلقت لحيتك بعد أن كانت كثّة لا يبيح لك أن تتأخر عن الصلاة في وقتها أو تنام عنها ولا تؤديها بالجماعة ، أو حتى أن تجترأ على العلماء في كل مكان ، وتسخر من الذين كنت معهم على الطريق ، وكأنهم ليسوا على الحق ،
يا جماعة .. ألسنا نزعم بأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قدوتنا ؟
إنه - عليه الصلاة والسلام - رمي بأشد التهم ؛ شكك في أمانته بما ينقل .. وقيل عما يدعيه قرآن بأنه سحر .. و قيل شعر ، ورمي بالكذب ، و وضع عليه سلا الجزور ، و سخَر منه من سخِر ، و كُسرت رباعيته ، و قاتل ، و جاهد .. من أجل هذا الدين ، و نحن بلا واحدة من هذه نسقط ونتغير !
أنسينا كيف كان الصحابة - رضوان الله عليهم -يُضربون ؟ وكيف كان صبرهم العظيم ، مالكم ؟!
إن الأمة اليوم لتشهد حالة من الضعف ، والجبن ، والتعدي عليها من كل مكان ، وما ذاك إلا لضعفنا ،و لتغير أفرادها ، أما آن أن نستقيظ من اللهو .. من العبث ؛
أما آن لكل فرد منّا أن يذكر نفسه بالأمانة المنوطة به ، وكيف عليه حملها ،
آن والله أن نتكاتف أنا وأنت ونغير من حالنا ، ونرجع إلى دين ربنا ، آن والله أن نتوب إلى الرحيم الغفور ، ونطلب منه أن يعفو عنّا ، ثم نقوم بكل عزم وهمة و نتعلم العلم الشرعي ، بداية بكلام الله - جلا وعلا - ثم بكلام رسولنا - عليه الصلاة والسلام - ، آن أن نعمل للدين ، آن أن نعود له ، آن أن يكون كل واحدٍ منا يتذكر وصف عائشة لزوجها بقولها " كان خلقه القرآن" ويحاول أن يتخلّق به ، وأن يتذكر حسن الخلق وفضله ، و يحسن أخلاقه ، وإن الطريق ليس بالسهل ، لكنه ممتع ، و النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( حفت الجنة بالمكاره . وحفت النار بالشهوات )) رواه مسلم ، و قال - صلى الله عليه وسلم - : (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى . قالوا : يا رسول الله ، ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى )) رواه البخاري ، فلنفهم الحديثين ، ولنعمل بالدين ، ولنأخذه على قوة ، و أما من يسقط .. فهو أخ لنا علينا أن نساعده على أن ينهض ، و نمد له أيدينا ليقوم ، ولنحذر من أن نلقي أنفسنا بالتهلكة ، وأن نسقط معه ، و من يتراجع فلن يضر الدين شيئًا فالإسلام منصور لا محالة ، والشرف لأحدنا أن يكون من أنصاره ، و تذكر ما قال الطنطاوي : " نحن نعترف أنها دعوة لأصعب الطريقين ، وأشق الأمرين ؛
وذلك لأن الانحدار مع الهوى سهل ، ولكن الصعود إلى المثل الأعلى صعب " ، و اذكرك بقول النبي - عليه الصلاة والسلام - (( ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر .)) رواه البخاري .
الملتقى الجنة .. الملتقى الجنة .. الملتقى الجنة ؛
في الحديث القدسي : (( قال الله تبارك وتعالى :
أعددت لعبادي الصالحين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر )) رواه البخاري
و لو تحرك الماء .. وتغير .. لكان تغيره للأفضل بحيث يستمر على القدرة في العيش ، و على جمال شكله ، وعذب طعمه ، و لأنه أبا التغير .. تغيّر - بالقوة - و لكن للأسوأ .
نحن بحاجة إلى أن نتغير .. إلى الأفضل .. إلى الأقرب لله ،
فما نحن إلا بشر ، و الخطأ و الذنب وارد جدًا .. و مجرد الاعتراف به جميل ، والأجمل أن نتغير ونغيره ليكون بدل المعصية حسنة .. ليكون بدل الخطأ صوابا .
ما أجمل التغير .. ما أروع أن تتذكر قصة عمر بن الخطاب ، وكيف أنه اشهر سيفه و ذهب ليقتل محمدًا - عليه الصلاة والسلام - .. وفي طريقه يُخبَر بأن أخته قد " صبأت " و كذا زوجها ،
ذهب إليهما وحصلت القصة المشهورة .. وبعدها تغير عمر ،
اتجه إلى ذات الاتجاه الذي سار إليه ، ولكن القصد تغير .. - وأي تغيُر -
إنه ذهب ليعلن إسلامه لمحمد .. بدل أن كان يريد قتل محمد - عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم -
هذا التغير .. بدل أن يكون عمر قتيلا .. جعله صحابيًا جليلا ،
مبشرًا بالجنة .. بل و أفضل هذه الأمة بعد نبيها ، و صديقها ..
إن كل عاقل يدعو إلى هذا التغير ، و يؤيده ، كيف لا وهو الإنقاذ من الخطأ ،
العلماء .. يطالبوننا أن نتغير و أن نكف من الذنوب ، بل والله - سبحانه - أرشدنا إلى ذلك فقال : { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الرعد (11) .
قال السعدي - في تفسير الآية - : " إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة "
فدعونا نتغير إلى الأفضل .. ما الأمة إلا أنا وأنت وأنتي .. لنتغير إلى الأفضل ، لنتقرب إلى الله ، فالأمة ضعفت .. ومن أفرادها ؟ إنهم نحن .. ولو نتغيرنا واعتصمنا بالله ، لقويت لأن أفرادها تغيروا .
( بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) القيامة ( 14 )
أنا بذنوبي اعلم بها من غيري .. وكذا أنت ، فلنتقِ الله ، و نتوب .. ولنتغير ؛ أما اشتقنا للنصر .. أما آن ؟!
،
من خلال النظر إلى الحياة الواقعية و إلى المستجدات .. نجد فيها أمورًا كثيرة تغيرت ، ونجد من الأصحاب والأحبة من تغير ، و طال التغير للقدوات من المعلمين ، و أهل العلم ،
إن هذا التغير - المفاجئ - لم يكن استساغته سهلة ، و هذا التغير الكبير - للأسف - لم يكن مفرحًا ،
فلو فككنا الحالات الجماعية و أخذنا كل حالة بمفردها لأبصرنا أنها لم تكن إلى الأفضل ، و لعلمنا أنها غير مفرحة .
بالنظر إلى الأمور العامة ؛ نجد أن الناس قد استهانوا في المحرمات بشكل كبير جدًا ، و الاستهانة بهذا الأمر لا تبشر بالخير ، و نجد أن كثيرًا من الناس قد زهدوا في الطاعات ، و رموا بعض الواجبات بأنها سنة ، و فعلوا كل ما بوسعهم لإثبات هذه الدعوى ، ومن ثم قالوا أنها سنة ولن يعمل بها ،
هذا التغير الفردي والجماعي أثّر على الأمة فتُجرأ عليها من جهات عديدة ، وكان الاجتراء من أعدائها الواضحين ، وكذا من المُلبِسين ،
دعونا نتذكر بعض هذا الاجتراء :
1/ الاستهزاء بالنبي - عليه الصلاة والسلام - بالرسوم الساخرة .
2 / تصريح الرافضة - علنا - بطعن عائشة الصديقة ، بل و مباهلة ( خبيثهم ) على صدقهم فيما زعم !
3 / محاولة حرق القرآن الكريم .
فبالله عليكم .. ما الذي بقى ؟
إنهم استهزؤا بأفضل رجل مر على الأرض ، سخروا بنبينا الذي منه نتلقى التكاليف الشرعية ، تعدوا على حبيبنا الأول ، وقدوتنا ، و أسوتنا ، فداه نفوسنا - صلى الله عليه وسلم -
وإن الأعداء قد تكلموا في كلام ربنا - جلا وعلا - هل أصدق من الله ؟ ومع ذلك حاولوا إحراق القرآن - حرقهم الله وأخزاهم - ، إنه دستورنا .. تعدوا عليه ، يالله .. على جبننا والخور !
وكذا الأعداء تكلموا في الصديقة الطاهرة ، تلك التي أنزل الله براءتها ، وجعله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة .
لا تبتعد - أيها القارئ - ودعني اذكرك بصور أخرى من تعدي الأعداء على أمتنا :
* تصوير الكافر بـ " الآخر " ومحاولة التقريب بيننا ! ، بل وزعم -بعض الجهال - أننا كلنا أولو دين سماوي فالأمر طبيعي ، و نحن " إخوة " ، و علينا أن لا نكرههم ، ولا نبغضهم ، ولا أدري أين - من يزعم بهذا القول - عن قول إبراهيم { إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} الممتحنة (4)
* تصوير المجاهد في سبيل الله .. بالمتشدد الإرهابي ، حتى غلب هذا الوصف عليهم ، وكأنهم لم يكونوا - بزعم أولئك المتهكمون - يومًا من الأيام " مجاهدين في سبيل الله "
فلم ينال المجاهدون خيرهم ، وحرموهو - أيضا - من نصرهم ولو بالكلام ، ولم يسلموا منهم .
إن العاقل ليستغرب ويتعجب من الحال إذ كيف يُدعى بالتعايش مع ( الكافر ) و بالوقت نفسه يحذر - منادي التعايش - من المسلمون المجاهدون .. ويسبونهم في كل حين ، وبكل وضع ، ولو سلمنا أنهم لم يوفقوا للصواب ، و أنهم اخطأوا .. من أولى بالتعايش والتقارب و الإصلاح الكافر أو المسلم ؟!
* إغلاق حلقات تحفيظ القرآن بالمكان الذي نزل به القرآن .
ولن أتحدث عن هذه النقطة فقبح القرار أوضح من أن يخبر ، ورائحة نتنه قد فاحت .
* عمل الفتاة كاشيرة .
* إغلاق المنابر الدعوية العلمية .
سواء كان هذا الإغلاق للمواقع كحجب موقع العلامة البراك ، وموقع الإسلام سؤال وجواب ، وغيرهما من مواقع علمائنا ، أو كان بإغلاق جوالات بعض المشائخ ، كإغلاق جوال زاد ، وكذلك إغلاق قناة الأسرة التي يشرف عليها نخبة من مشائخنا الكرام .
أصلح الله الحال ، و كفى الله الأمة شر كل ذي شر .
،
دعننا ننتقل الآن إلى الحالات الفردية لنشاهد التغير و كيف أنه لم يكن للتعدي العام طريق لو لم يفتح كل إنسان الباب على نفسه !
1 / الصلاة :
هذا الخط العريض ، وهذا العمود القوي المتين ، الكلام فيه واضح جدًا ، فكم هو مؤسف أن يؤذِن المؤذن وتقام الصلاة ، وفي الشارع من هو جالس يتكلم مع صديقه ، و كأنه لا يسمع الدعوى الصادقة بالفلاح ، و كم والله يتقطّع القلب عندما يرى تضييع الشباب والشيب لأمر الصلاة ، والتقصير فيها ، و لو دخلت المسجد بعد الأذان ربما شككت في ساعة المؤذن ، فأنت تستوحش .. لأنه لا يوجد غيركما في المسجد ، وبالكاد يحضر - الغالب - مع الإقامة ، و " شيء أهون من شيء " فهناك من هو في بيته مشتغلا في الانترنت ، وهناك من يتابع المباراة ، وهناك من يلعب الكرة ، وهناك من هو نائم ،
وأي حال ؟ وأي ضعف ؟ و أي تقصير أشد من هذا التقصير والضعف و سوء الحال ،
فالصلاة هي التي تقرب المؤمن لربه ، بل وفيها موضع هو أقرب ما يكون العبد إلى ربه ، و بتركها يكفر ، والتهاون بها والكسل فيها من صفات المنافقين .
2 / القرآن :
إنه يكفي لاستشعار فضل القرآن وعظمته ، و علو قدره أن تقول جملة واحدة وهي : " كلام الله " !
كلام الله .. كلام الكريم ، كلام الخالق ، كلام القوي ، كلام الجبار ، كلام العزيز الغفّار ، كلام الحكيم ، كلام البصير ، كلام العليم ، كلام الله .
تختم القرآن كل كم ؟
كيف حالنا مع تدبره ؟
3 / التجرأ على المنكر :
لم يكن منذ سنوات قريبة أن يتبختر العاصي بمعصيته ويتبجّح بها ، و كذا سكوت كثير من الناس على الإنكار على العاصي ، فالمخطأ يتبجّح ، و من على الحق يخجل !
4 / الهروب من الاستقامة :
لو نظرنا إلى اللحية - كمثال واقعي - سنجد أنها من الأمور المكلفين بها ، ولو نظرنا إلى الواقع سنجد كيف تغير كثير من الناس وتجرأوا على هذه اللحية و أخذوا منها حتى لا تكاد تظهر ، ودعني انقل ما قاله شيخنا العلامة عبد الكريم الخضير :
" ولو لم يرد الأمر بإعفاء اللحى لكان مجرد التشبه كاف في تحريم حلق اللحية، وهو أيضاً تشبه بالنساء، ولعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المخنثين من الرجال الذين يتشبهون بالنساء والعكس، والمترجلات من النساء، هذا التشبه كافي في التحريم، إضافة إلى أن السنة القولية والفعلية تضافرت على أن اللحية لا يتعرض لها بشيء، وتعرف قراءة النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته باضطراب لحيته من خلفه، وجاء في صفته -صلى الله عليه وسلم- أنه كان كث اللحية، فهذا فعله وهذا أمره، فهل يبقى لمتشبث أو لمستمسك حجة أو شبهة في أن يخفف لحيته أو يحلقها؟ "
للاستزادة : الموطأ – كتاب الجامع (6) | الشيخ عبدالكريم الخضير
الأمة الآن تحتاجكم يا شباب .. فهل من أول حجر في الطريق يكون التعثر ؟!
لا أشك في أن كل واحد من شباب المسلمين رسم يومًا هدفه وكيف أنه يريد أن يخدمه أمته ، فلما التغير ؟ لما يكون الانحدار مع الهوى بهذه القوة ، الطريق مُتعب ، ولكن صاحب الهمة لا يمل ، لا يقف ، نحن نحمل أمانة عظيمة ، و لا يليق بنا أن نلقي بها ، و الهروب من الأحكام الشرعية لا يسقط التكليف بها ، فكونك حلقت لحيتك بعد أن كانت كثّة لا يبيح لك أن تتأخر عن الصلاة في وقتها أو تنام عنها ولا تؤديها بالجماعة ، أو حتى أن تجترأ على العلماء في كل مكان ، وتسخر من الذين كنت معهم على الطريق ، وكأنهم ليسوا على الحق ،
يا جماعة .. ألسنا نزعم بأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قدوتنا ؟
إنه - عليه الصلاة والسلام - رمي بأشد التهم ؛ شكك في أمانته بما ينقل .. وقيل عما يدعيه قرآن بأنه سحر .. و قيل شعر ، ورمي بالكذب ، و وضع عليه سلا الجزور ، و سخَر منه من سخِر ، و كُسرت رباعيته ، و قاتل ، و جاهد .. من أجل هذا الدين ، و نحن بلا واحدة من هذه نسقط ونتغير !
أنسينا كيف كان الصحابة - رضوان الله عليهم -يُضربون ؟ وكيف كان صبرهم العظيم ، مالكم ؟!
إن الأمة اليوم لتشهد حالة من الضعف ، والجبن ، والتعدي عليها من كل مكان ، وما ذاك إلا لضعفنا ،و لتغير أفرادها ، أما آن أن نستقيظ من اللهو .. من العبث ؛
أما آن لكل فرد منّا أن يذكر نفسه بالأمانة المنوطة به ، وكيف عليه حملها ،
آن والله أن نتكاتف أنا وأنت ونغير من حالنا ، ونرجع إلى دين ربنا ، آن والله أن نتوب إلى الرحيم الغفور ، ونطلب منه أن يعفو عنّا ، ثم نقوم بكل عزم وهمة و نتعلم العلم الشرعي ، بداية بكلام الله - جلا وعلا - ثم بكلام رسولنا - عليه الصلاة والسلام - ، آن أن نعمل للدين ، آن أن نعود له ، آن أن يكون كل واحدٍ منا يتذكر وصف عائشة لزوجها بقولها " كان خلقه القرآن" ويحاول أن يتخلّق به ، وأن يتذكر حسن الخلق وفضله ، و يحسن أخلاقه ، وإن الطريق ليس بالسهل ، لكنه ممتع ، و النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( حفت الجنة بالمكاره . وحفت النار بالشهوات )) رواه مسلم ، و قال - صلى الله عليه وسلم - : (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى . قالوا : يا رسول الله ، ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى )) رواه البخاري ، فلنفهم الحديثين ، ولنعمل بالدين ، ولنأخذه على قوة ، و أما من يسقط .. فهو أخ لنا علينا أن نساعده على أن ينهض ، و نمد له أيدينا ليقوم ، ولنحذر من أن نلقي أنفسنا بالتهلكة ، وأن نسقط معه ، و من يتراجع فلن يضر الدين شيئًا فالإسلام منصور لا محالة ، والشرف لأحدنا أن يكون من أنصاره ، و تذكر ما قال الطنطاوي : " نحن نعترف أنها دعوة لأصعب الطريقين ، وأشق الأمرين ؛
وذلك لأن الانحدار مع الهوى سهل ، ولكن الصعود إلى المثل الأعلى صعب " ، و اذكرك بقول النبي - عليه الصلاة والسلام - (( ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر .)) رواه البخاري .
الملتقى الجنة .. الملتقى الجنة .. الملتقى الجنة ؛
في الحديث القدسي : (( قال الله تبارك وتعالى :
أعددت لعبادي الصالحين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر )) رواه البخاري
الفقير الى الله- عضو قديم
- عدد المساهمات : 155
تاريخ التسجيل : 29/05/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 10 يونيو - 5:52 من طرف ترانس مشعل
» التفكير.. خارج الخوف داخل الامل
الثلاثاء 10 يونيو - 5:51 من طرف ترانس مشعل
» الشعوب والحكومات ... مابين التمرد والعصيان والتطوير والإصلاح
الثلاثاء 10 يونيو - 5:49 من طرف ترانس مشعل
» التحول بين الواقع والخيال:طرق التحول الجنسي
الثلاثاء 10 يونيو - 5:47 من طرف ترانس مشعل
» لا تكن لطيفا أكثر من اللازم ..!
الثلاثاء 10 يونيو - 5:38 من طرف ترانس مشعل
» 50 نصيحة لك قبل أن تكبر.
الثلاثاء 10 يونيو - 5:32 من طرف ترانس مشعل
» سااعدوووووني
الإثنين 24 مارس - 15:19 من طرف Tomorrow is better
» وساوس و خوف شديد
الأربعاء 19 مارس - 6:47 من طرف Tomorrow is better
» طرق التحويل من خارج جمهورية مصر العربيه
السبت 11 مايو - 0:32 من طرف Admin